ما هو اصل عبد الله بن المقفع
ما هو اصل عبد الله بن المقفع أحد أشهر كتاب العصر العباسي ؟ وتتمثل الإجابة على السؤال في أن ابن المقفع كان فارسي الأصل، فقد وُلد في قربة جور في بلاد فارس عام 06 هجرياً، وكانت نشأته الأولى في مدينة البصرة والتي عُرف عنه فيها موالاته لآل الأهتم وهم قوم عُرف عنهم البلاغة والفصاحة والخطابة/ وهناك بعص المؤرخين الذين أرجعوا نسب ابن المقفع إلى البصرة، وقد كان اسمه قبل دخول الإسلام روزبه بن داذويه ويُكنى أبا عمرو، وعندما أسلم فقد سمى نفسه عبد الله وكنيته أبي محمد، وقد كانت البيئة التي نشأ فيها ابن المقفع هي أكثر الأمور تأثيراً في بلاغته وفصاحته وإتقانه للغه، حيثُ تأثر في نشأته بمدينة البصرة في العراق والتي كانت أكثر المدن ازدهاراً في العصر الإسلامي.
ويُعد عبد الله بن المقفع أحد أشهر الكتاب في العصر العباسي وقد كان مجوسي الديانة إلا أنه قد أسلم على يد عيسى بن علي عم السفاح وعم المنصور أحد أشهر الحلفاء في العصر العباسي، ويُعد ابن المقفع أول شخص يقوم بإدخال الحكمة الفارسية الهندية وعلم الأخلاق والمنطق اليوناني وسياسية الاجتماع إلى اللغة العربية، كما أنه أول العرب الذين قاموا بالتأليف والتعريب، ولا يزال تأثيره في النشر العربي وتوجيهه إلى مستويات راقيه بارزة حتى يومنا هذا.
لماذا سُمي ابن المقفع بهذا الاسم
سُمي ابن المقفع بهذا الاسم لأن الحجاج بن يوسف كان قد ولى والده مسئولية خراج فارس، إلا أنه قد أخذ من هذه الأموال وسرق منها، لذا فقد عذبه الحجاج إلى أن تفقعت يديه لذا فقد أصبح يُقال له المقفع، وذلك الأمر وفقاً لتفسير ابن خلكان وهو التفسير الأكثر شيوعاً، إلا أن البعض قد أرجع سبب تسميته بابن المقفع إلى عمله في صناعة وبيع القفاع.
نشأة ابن المقفع
وُلد ابن المقفع عام 06 هجرياً في بلاد فارس، إلا أنه نشأته كانت في مدينة البصرة بالعراق وقد كان موالياً لآل الأهتم الذين عُرف عنهم نبوغهم في الخطابة والبلاغة من قبل دخولهم إلى الإسلام وبعده، ةقد كان من بينهم عمرو ابن الاهتم الذي اشتهر ببلاغته وفصاحته وكان من بين أعضاء وفد بني تميم إلى النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ والذين قال عنهم ابن دريد في كتاب الاشتقاق : ( وفي بني الأهتم رجال معروفون خطباء يطول الكتاب بأسمائهم).
وقد كان من حظ ابن المقفع الحسن أن ينشأ ويعيش في مدينة البصرة، تلك المدينة الإسلامية المزدهرة التي بناها الخليفة عمرو بن الخطاب في عهده، لتكون أكثر المدن الإسلامية ازدهاراً وتحضراً وفكراً وعلماً وأدباً، حيث كانت ملتقى الشعراء والعلماء والرواة من مختلف الأرجاء، كما كان في البصرة سوق المربد وهو السوق الذي كان أشبه بسوق عكاظ فيما قبل الإسلام، والذي كانت تُقام به الحلقات الأدبية التي يتوسطها الشعراء والرواة ويكون الأشراف في إمامتها يتفاخرون بما ينشدونه الناس من قومهم من شعر وأدب بليغ.
فقد نشأ ابن المقفع في هذه المدينة العظيمة التي لم تتمكن أي مدينة أخرى من منافستها في الازدهار العلمي والبلاغي سوى مدينة الكوفة بالعراق، فقد كانت البصرة والكوفة هم مدينتي العلم والأدب في العصر الإسلامي، إلا أن البصرة قد كانت أكثر ازدهاراً وقد كان هناك خلافاً قائماً ما بين أهل العلم والأدب في البصرة والكوفة حول المذاهب العربية وهو الأمر الذي تسبب في وجود جدل كبير بين أنصار المدينتين.
وبعد وفاة والده فقد عاش ابن المقفع في البصرة وكان يعمل كاتب في الدواوين كما كان يعمل والده، وقد بدأ الكتابة في سن العشرين فقط أو ما يزيد عليها بقدر قليل، وقد تولى ابن المقفع الكتابة لداوود بن هيبرة وهو يزيد بن عمر بن هيبرة والذي كان والي بن محمد وأخر الخلفاء الأمويين في العراق، وبعد انتقال الحُكم إلى العباسيين فقد كتب ابن المقفع لـ عيسى سليمان وإسماعيل أبناء علي بن عبد الله بن السفاح وأعمام المنصور والسفاح، كما قام بالكتابة بعيسى حينما كان والياً على كرمان، وقام بالترجمة للمنصور عدة كتب إلا أنه لم يلتق به في الواقع أبداً.
صفات ابن المقفع وأخلاقه
عُرف ابن المقفع مُنذ صغر سنه بالأخلاق والصفات الحميدة مثل السماحة، الكرم، الصدق، الإيثار، كما أُشتهر بابتعاده عن الحسد والكذب وأن فيه من المروءة واللين وسهولة الطباع ما يجعله رجلاً حسن الأخلاق، كما عُرف عنه الذكاء وسعة العلم والتفكير حتى قيل فيه (أنه لم يكن في العجم أذكى منه)، وقد اعترف الجاحظ في أحد كتاباته بعلم ونبوغ أبن المقفع في الأدب في قوله :(ومن المعلمين ثُمَّ البلغاء المتأدبين عبد الله بن المقفع، كان مُقدَّمًا في بلاغة اللسان والقلم والترجمة واختراع المعاني وابتداع السير، وكان إذا شاء أن يقول الشعر قاله، وكان يتعاطى الكلام ولا يُحْسِنُ منه لا قليلًا ولا كثيرًا، وكان ضابطًا لحكايات المقالات، ولا يعرف من أين غُرَّ المغتر ووثق الواثق، وإذا أردت أن تعتبر ذلك إن كنت من خُلَّص المتكلمين ومن النَّظَّارين فاعتبر ذلك بأن تنظر في آخر رسالته الهاشمية، فإنك تجده جيد الحكاية لدعوى القوم، رديء المدخل في مواضع الطعن عليهم، وقد يكون الرجل يحسن الصنف والصنفين من العلم فيظن بنفسه عند ذلك أنه لا يحمل عقله على شيء إلا بعد به).
دور ابن المقفع في الترجمة
قام ابن المقفع بالترجمة ونقل تراث ضخم من الكتب الفارسية التي تمت كتابتها باللغة البهلوية ( اللغة الفارسية قبل عصر الإسلام) إلى اللغة العربية، وقد تضمنت هذه الكتب والمؤلفات ثقافة الفارسيين وأخلاقهم وقواعد سيّر ملوكهم مما جعلها تلقى استحساناً كبيراً عن الخلفاء العباسيين خاصةً في عهد ازدهارها الأول.
ومن أشهر الكتب التي ترجمها ابن المقفع كتاب (خداينامه) الذي يتحدث عن سيّر ملوك الفرس، كتاب (آئين نامه) الذي يتحدث عن قوانين الفرص الأوائل القدامى وعن ملوكهم وكيفية قيادتهم لجيوشهم وجنودهم، كتاب (التاج في سيرة أنو شروان) الذي يتحدث عن سيرة الملك عسرى وأخلاقه، كتاب (نامت تنسر) الذي تحدث عن التشريعات الفارسية القديمة ، وللأسف فقد فُقدت جميع هذه الكتب بسبب قدوم بعض الكتاب بعد ابن المقفع والذين أدخلوا بعض من مؤلفاتهم في مادة هذه الترجمات لتكون هناك حاجة إليها مع الزمن ، إلا أنها تعرضت للضياع.
كيف مات ابن المقفع
مات ابن المقفع مقتولاً وكان لا يزال في السادسة والثلاثين من العمر فقط وذلك عام 4 هـ، حيثُ أُمر ابن المقفع بنقل كتاب للخليفة المنصور إلا أنه لم يُحسن اختيار الألفاظ، والتي لم تعجب المنصور فيأمر سفيان بقتله، كما كان سفيان يكظم له الغضب بسبب استخفافه به فقام بقتله سراً في بيته، كما قيل أنه قد قام ببتر أطرافه ورميها في التنور، وقد أرجع البعض وفاته لاختناقه بالحبس في الحمام، إلا أن الحقيقة لم تتم معرفتها بعد.